فَحَمَلُوهُم فِي سَفِينَتِهِم بِغَيْرِ نولٍ -يَقُولُ: بِغَيْرِ أَجْرٍ- فَرَكبَا السَّفِينَةَ، قَالَ: وَوَقَعَ عُصْفُورٌ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَغَمَسَ مِنْقَارَهُ الْبحْرَ، فَقَالَ الْخَضِرُ لِمُوسَى: مَا عِلْمُكَ وَعِلْمِي وَعِلْمُ الْخَلَائِقِ فِي عِلْم اللهِ إِلَّا مِقْدَارُ مَا غَمَسَ هذَا الْعصْفُورُ مِنْقَارَهُ، قَالَ: فَلَم يَفْجَأْ مُوسَى، إِذْ عَمَدَ الْخَضِرُ إِلَى قَدُومٍ، فَخَرَقَ السَّفِينَةَ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، عَمَدتَ إِلَى سَفِينَتِهم فَخَرَقْتَها؛ {لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ} الآيَةَ، فَانْطَلَقَا إِذَا هُمَا بِغُلَامٍ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَقَطَعَهُ. قَالَ لَهُ مُوسَى: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (٧٤) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} إِلَى قولهِ: {فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ}، فَقَالَ بِيَدِهِ هكَذَا، فَأَقَامَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: إِنَّا دَخَلْنَا هذهِ الْقَرْيَةَ، فَلَم يُضَيِّفُونَا، وَلَم يُطْعِمُونَا، {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (٧٧) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا". قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: (وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا)، (وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا).
(عين يقال لها: عين الحيا) قال أبو الفَرَج: كذا رُوي بغير هاءٍ، والحَيَا: ما يحيا النَّاسُ به، والمَشهور في التَّعارُف في عَين الحياة.
وقال الدَّاوُدي: لا أَرى هذا يَثبُت وإنْ كان مَحفوظًا، فذلك كلُّه من خَلْق الله تعالى وقُدرته إذا أَراد إحياءَ ميتٍ أَنشَرَه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute