قال (خ): هم يقولون في النِّداء: يا أَبَه ويا أُمَّه إذا وقَفُوا، وإذا وصَلُوا قالوا: يا أَبَتِ، ويا أُمَّتِ، وإذا فتَحوا للنُّدبة، قالوا: أَبَتاهُ، ويا أُمَّتا، والهاء للوقْف.
قال (ك): ليس هذا من باب النُّدبة؛ إذ ليس ذلك تفجُّعًا عليها.
(قف شعري)؛ أي: اقشَعرَّ جِسْمي حتى قامَ ما عليه من الشَّعر.
واعلم أن هذا منها ليس إنْكارًا لجَواز الرُّؤية مطلقًا كما تَقولُه المُعتزلة، وإنما أنْكرتْ وُقوعَها في الدّنيا، ويدلُّ على صِحَّة قولها قولُ ابن مَسعود الآتي: رأَى جِبْريلَ له ستُّ مئةِ جَناحٍ.
نعَم، ما استَندتْ إليه عائشةُ أجاب عنه ابن عبَّاس لمَّا أَوردَه عليه عِكْرمة، فقال: ذاك نُوره، إذا تَجلَّى بنُوره لم يُدركْه شيءٌ.
وليس في قوله:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَار}[الأنعام: ١٠٣] دليلٌ على أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يَرَ ربَّه، ولا في:{أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}[الشورى: ٥١]؛ لأنَّ الآيةَ دلَّت على أن البَشَر لا تَرى الله في حال التكلُّم، فنَفْيُ الرُّؤية مُقيَّدٌ بهذه الآية دُون غيرها، وإنما يكون مُخالِفًا أنْ لو قال: كلَّم الله في حالةِ الرُّؤية.
وقال بعض الأئمة: ثبَتَ عن ابن عبَّاس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه، وليس ذلك مما يثبُت بالعُقول والآراء، وإنما يُدرَك من طريق النُّبوَّة.
قال مَعْمر بن راشد: ما كانتْ عائشةُ عندنا بأعلَم من ابن عبَّاس،