ابْنَ عَبْدِ اللهِ - رضي الله عنهما - قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ -قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: فِي جَيْشٍ- فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهاجِرِينَ. فَسَمِعَ ذَاكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "مَا بَالُ دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ" قَالُوا: يَا رَسُولَ الله! كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ. فَقَالَ: "دَعُوها فَإِنَّها مُنْتِنة". فَسَمعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَقَالَ: فَعَلُوها، أَمَا وَاللهِ لَئِنْ رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْها الأَذَلَّ. فَبَلَغَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! دَعنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "دَعْهُ لَا يتحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أصْحَابَهُ" وَكَانَتِ الأَنْصَارُ أكثَرَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، ثُمَّ إِنَّ الْمُهاجِرِينَ كَثُرُوا بعْدُ.
قَالَ سُفْيَانُ: فَحَفِظْتُهُ مِنْ عمرٍو، قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرًا: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
(فكسع) بمهملتين: هو ضَرْبُ دبر الإنْسان بصَدر قدَمكَ، ونحوه.
(يا للأنصار) اللام للاستِغاثة، أي: أَعينُوني، وكذا (يا لَلْمُهاجرين)، وهذه دَعوى الجاهليَّة.
(دعوها)؛ أي: اترُكُوا هذه المَقالة، أي: هذه الدَّعوَى.
(مُنْتِنة) بضم الميم، وكسر المثنَّاة، وتُكسر الميم إتْباعًا لكسر المثنَّاة، أي: قَبيحةٌ سيِّئةُ العاقِبَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute