للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لقَد كذَبَ يا رسولَ الله، وما منَعَه أن يتكلَّم إلا الحسَدُ، قال عَمْرو: أنَا أَحسُدكَ!، فواللهِ إنَّك للَئيمُ الخالِ، حديثُ المَالِ، أَحمَق الولَدِ، مُبغَضٌ في العَشيرة، واللهِ ما كذَبتُ في الأُولى، ولقد صَدقتُ في الثَّانية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنَّ مِن البَيَانِ لسِحْرًا).

قال (خ): البَيان بَيانان: بيانٌ يقَع به الإبانة عن المُراد بأيِّ وجهٍ كان، وبيانٌ بلاغةٌ وحِذْقٌ، وهو ما دخلَتْه الصَّنْعة بحيث يَروق السَّامعين، ويَستَميل به قُلوبهم، وهو الذي يُشبَّه بالسِّحر إذا جَلَب القُلوب، وغلَبَ على النُّفوس حتى ربَّما حوَّل الشَّيء عن ظاهرِ صُورتهِ، وصَرَفَه عن قَصْد جِهته، فأُبرز للناظِر في مَعرِض غيرِه، وهذا يُمدَح إذا صُرف للحَقِّ، ويُذمُّ إذا قُصد به الباطِل حتى يُوهمك القَبيحَ حسَنًا، والمُنكَر معروفًا، فعلى هذا يكون المَذمومُ منه هو المُشبَّه بالمذموم الذي هو السِّحر، وقال بعضُهم: أَصْل السِّحْر صَرْف الشَّيء عن حقيقته.

قال مُحيي السُّنَّة: منهم مَن حمَلَ هذا الكلامَ على المَدْح، والحثِّ على تحسين الكلام، وتحبِير الألْفَاظ، ومنهم مَن حملَه على الذَّمِّ في التَّصنُّع في الكلام، والتكلُّف بتحسينه، وصَرْف الشيء عن ظاهرِه كالسِّحر الذي هو تَخييل ما لا حقيقةَ له.

(المشرق)؛ أي: مِن طرَف نَجْد.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>