وعُلِمَ أنَّ ذِكر الحِجارة إنَّما هو لأنَّها الغالبُ في الوِجدان، فبَطَلَ قولُ أهلِ الظَّاهر أنَّ الحَجَر متعيِّنٌ، فلا يجوزُ غيرُه، ولا ينبغي أن يُمنعَ كلُّ ما ليس بحَجَر قياسًا على مَا مُنِعَ منه، وهو العَظم والرَّوثُ، لعَدَمِ المَعنى الذي فيهما فِي غيرِهِما، وليسَ فيه أيضًا تنبيهٌ على مَنعِ غيرهما؛ لأنَّ غيرَهما ليس بالمَنع أولى، حتَّى يكونَ مثل:{فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}[الإسراء: ٢٣]، فعم أصلَ الاستِنجاء.
قال (ط): إن مذهبَ مالك والكوفيين أنَّه سنَّةٌ، لأنَّ الحجَر لا يُنقِّي كالماء، فلمَّا جازَ الحَجَر مع بقاءِ الأَثر النَّجِس عُلِمَ أنَّ الاستِنجاء سُنَّةٌ، والشَّافعيُّ وأحمدُ قالا: فَرضٌ؛ لأمرِه - صلى الله عليه وسلم - بالاستِنجاء بثَلاثة أحجارٍ، وكلُّ ما فيه تعدُّدٌ يكونُ واجبًا، كوُلوغِ الكَلب.
قلت: ينتقِضُ بغَسل الكفَّين قبلَ أن يغمِسهُما ثلاثًا عندَ الشَّك في نجاسَتِهما.
(بطرف)؛ أي: في طَرف (ثيابي)، المُرادُ جنسُها، لا الكلّ.
قلت: قد رواه الإسمَاعيليُّ في "مُستَخرجه": (طرف مُلاءَتي).
وفي الحديثِ جوازُ اتَّباعِ السَّاداتِ بغير إذنِهم، واستخدامُ المَتبوعِ إيَّاهم، وندبُ الإعراضِ عن قاضي الحَاجة، وإعدادُ النُّبَلِ للاستِنجاء به قبلَ القعود؛ لئَلا يتلوَّثَ إذا قامَ بعد الفَراغ لطلَبِها.