(فَلْيَغْمِسْه) بكسر الميم، وهذا ظاهرٌ إذا كان عندَ الغَمس حيًّا، وحِكمةُ الغَمس: ما جاء أنه يُقدِّم السُّمَ، فيَغمسُه فيتداوى بالآخر الذي فيه الشفاءُ، ومِثلُه العَقربُ ونحوُها، تُهيج الداءَ بإبرتها ويُتداوَى بجرمها.
قال (خ): هذا مما يُنكرُه مَن لم يَشرَحِ اللهُ صدرَه بنور المعرفة، فلِمَ لا يتعجب من النحلة فيها الشفاءُ والسمُّ معًا؛ فتَعسلُ من أعلاها، وتُسمُّ من أسفلها بجمتها؟ والحيةُ سمُّها قاتلٌ، ولحمُها مما يُستشفَى به، ولا حاجةَ لنا إلى النظائر مع قول الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن أهلَ الطبِّ إنما يقولون بالتجربة، والتجربةُ خطرٌ.
قال (ط): يجوز أن يُحمَلَ على ظاهره، وأن يكونَ المرادُ: ما تجدون في نفس الأكل من التقذُّر للطعام إذا وقع، والدواءُ الذي في الجناح الآخر رفعُ التقذُّر بغمسِه فيه وقلةُ المبالاة بوقوعه فيه؛ لأن الذبابَ لا نَفْسَ له، وليس فيه دمٌ يُخشَى منه إفسادُ الطعام، فلا معنى للتقذُّر عنه.