منزه عن الصورة، وصفاتِ الأجسام؛ بل عائدٌ على آدم؛ باعتبار أن الله تعالى خلقه بهيئته تامًّا؛ ستون ذراعًا، لا يتغير عن حاله؛ بخلاف أولاده؛ فإنه، خلقهم أطوارًا: من تراب، ثم من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة، ثم يكون صغيرًا، ثم يكبر حتى يتكامل، ويؤيده قوله بعده:(سِتُّونَ ذِرَاعًا)، هذا أولى ما قيل فيه.
قال (ط): أفاد - صلى الله عليه وسلم - بذلك إبطالَ قولَ الدهرية: إنه لم يكن قط إنسانٌ إلا من نطفة، ولا نطفَةَ إلا من إنسان، وقولَ القدرية: إن صفات آدم على نوعين: ما خلقها الله، وما خلقها آدمُ بنفسه؛ قال: وقيل: إنه - صلى الله عليه وسلم - مر برجل يضرب عبده في وجهه لطمًا، فزجره عن ذلك، وقال ذلك، قالها كناية عن المضروبِ وجهُه.
قال (ش): رواه مسلم، فهذه الصورة التي شرفها الله تعالى، وخلق عليها آدم وذريته.
قال (ط): وقد يقال: الضمير عائد على الله تعالى؛ لكن الصورة غير الهيئة، وذلك لا يصح إلا على الأجسام، فمعنى الصورة هنا: الصفة؛ كما تقول: عَرِّفني صورة هذا الأمر؛ أي: صفته؛ أي: خلقَ آدمَ على صفته؛ أي: حيًّا عالمًا سميعًا بصيرًا متكلمًا، أو هي إضافة تشريف؛ نحو: بيت الله، وروح الله؛ لأنه ابتدأها لا على مثال سابق؛ بل بمحض الاختراع، فشرفها بالإضافة إليه.
(نَفَر) -بفتح الفاء وسكونها-: عدة من ثلاثة إلى عشرة، مجرور بدلًا، أو مرفوع خبر مبتدأ محذوف.