قال (خ): واحتجَّ به بعضُ فُقَهاءِ العِراق على الوُضوء بالدَّم الخارج من غيرِ السَّبيلَين، من حيثُ إنه - صلى الله عليه وسلم - علَّل بعضَ الطَّهارة بخروجِ الدَّم من العِرْق، وكلُّ دمٍ بَرَزَ من البَدَن فإنَّما يَخرُجُ من عرْقٍ.
قال: لكنْ ليس المعنَى ما ذَهب إليه، ولا مرادُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وإنَّما العلَّة بصَدْعِ العِرْقِ، وتصَدُّعُ العِرقِ علَّةٌ معروفةٌ عند الأطبَّاء يَحدُث من غَلَبة الدَّم، فتَنصَدِع العُروقُ إذا امتَلأت الأَوعيَةُ، وقَصدُه بذلك الفَرقُ بينَه وبينَ الحَيض؛ لأنَّ الحيضَ خروجُه مُصِحٌّ للبدَن بمنزلة خُروجِ الثِّقَل، نحو البولِ والغائطِ الذي تستغني عنه الطَّبيعة، فيخِفُّ البَدَن، والاستِحاضَةُ مَسقَمَةٌ؛ لأنَّها علَّةٌ يُخافُ منها الهلاك، وفيه أنَّها كانت تُميِّزُ بينَ الحيضِ والاستحاضَةِ، فلذلك وكَلَ الأمرَ في مَعرِفَة ذلك.
(قال: وقال أبي)؛ أي: قالَ هشامُ بنُ عُروَة: وقالَ عُروةُ.
(توضئي) بصيغةِ الأَمر.
(ذلك الوقت)؛ أي: وقتَ إقبالِ الحيض، والسِّياقُ يقتضي أنَّ قوله:(وتوضئي ...) إلى آخره؛ مرفوعٌ لا موقوفٌ.