للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{لَهُوَ خَيْرٌ لِلصّابِرِينَ} (١)، فكان صلّى الله عليه وسلم بعد ذلك ينهى عن المثلة (٢)، ويوصي من يبعث من السرايا ألاّ يمثلوا.

ولما انصرفت قريش وعلم الله سبحانه ما في قلوب أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم من تراكم الغموم والهموم مما أصابهم وخوف كرة العدو عليهم .. تفضل عليهم بالنعاس؛ أمنة منه سبحانه وتعالى للمؤمنين منهم وهم أهل اليقين، ولم يغش أحدا من المنافقين، كما قال الله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} الآية.

قال أبو طلحة رضي الله عنه: غشينا النعاس ونحن في مصافنا، فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه، ويسقط وآخذه (٣).

وقال رضي الله عنه: رفعت رأسي فجعلت ما أرى أحدا .. إلا وهو يميل تحت حجفته (٤).

وقال الزبير رضي الله عنه: والله؛ إني لأسمع قول معتّب بن قشير والنعاس يتغشّاني ما أسمعه إلا كالحلم يقول: لو كان لنا من الأمر شيء .. ما قتلنا ههنا (٥).

وكان يوم أحد يوم بلاء وتمحيص، أكرم الله فيه من أكرم بالشهادة، وممن أبلى يومئذ وعظم نفعه: طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم.

وكان ذلك يوم السبت للنصف من شوال، وقيل: السابع منه.

وفي هذه السنة: غزا صلّى الله عليه وسلم حمراء الأسد، وذلك: أن قريشا لما انصرفوا من أحد وبلغوا الروحاء .. هموا بالرجوع؛ لاستئصال من بقي من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم بزعمهم، فلما علم بهم النبي صلّى الله عليه وسلم .. ندب أصحابه للخروج موريا من نفسه القوة، وقال: «لا يخرجن معنا إلا من حضر يومنا


(١) أخرجه الحاكم (٣/ ١٩٧)، والطبراني في «الكبير» (٣/ ١٤٣)، والبيهقي في «الشعب» (٩٧٠٣)، وغيرهم.
(٢) أخرجه البخاري (٢٤٧٤)، وابن حبان (٥٦١٦)، والترمذي (١٤٠٨)، وغيرهم.
(٣) أخرجه البخاري (٤٥٦٢)، وابن حبان (٧١٨٠)، والترمذي (٣٠٠٨)، وأحمد (٤/ ٢٩).
(٤) أخرجه الحاكم (٢/ ٢٩٧)، والترمذي (٣٠٠٧)، والنسائي في «الكبرى» (١١١٣٤)، وأبو يعلى (١٤٢٢)، وغيرهم، والحجفة: الترس من الجلد.
(٥) أخرجه الضياء المقدسي في «المختارة» (٨٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>