للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي الحقيق وآل حيي بن أخطب بخيبر، فكانوا أول من أجلي من اليهود، كما قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا} [الحشر: ٢]، والحشر الثاني: من خيبر في أيام عمر رضي الله عنه.

فكانت أموال بني النّضير خالصة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقسمها بين المهاجرين لفقرهم وحاجتهم، ولم يعط الأنصار منها شيئا، إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة:

أبو دجانة، وسهل بن حنيف، والحارث بن الصّمّة، فطابت بذلك أنفس الأنصار رضي الله عنهم، وأثنى الله عليهم لذلك بقوله تعالى: {وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً} أي: حسدا {مِمّا أُوتُوا}؛ يعني: المهاجرين رضي الله عنهم أجمعين.

وفي ذي القعدة منها: كانت غزوة بدر الثالثة، وهي: الصغرى، كما قاله النووي (١)، وذكرها غير واحد في الرابعة، قال الحافظ العامري: (وهو موافق لما ذكر فيها: أنهم تواعدوا لها يوم أحد العام القابل) (٢)؛ وذلك: أن أبا سفيان حين انصرف من أحد .. واعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم موسم بدر، وكانت سوقا من أسواق الجاهلية يجتمعون إليها في كل عام ثمانية أيام، فلما كان ذلك .. خرج أبو سفيان بمن معه حتى نزل مجنّة من ناحية مرّ الظّهران، وقيل: بلغ عسفان، وبدا له الرجوع، وتعلل بجدب العام وعدم المرعى، قيل: وجعل جعلا لبعض العرب على أن يلقوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ويثبّطوه.

وخرج صلّى الله عليه وسلم بمن معه للميعاد، واستعمل على المدينة عبد الله بن عبد الله بن أبي ابن سلول، وجعل كفار العرب يلقونهم ويخبرونهم بجمع أبي سفيان، فيقولون: حسبنا الله ونعم الوكيل حتى نزلوا بدرا، ووافقوا السوق وأصابوا الدرهم درهمين، وانصرفوا إلى المدينة سالمين كما قال الله تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} الآية.

وفي ذلك يقول عبد الله بن رواحة-وقيل كعب بن مالك-: [من الطويل]

وعدنا أبا سفيان بدرا فلم نجد ... لميعاده صدقا وما كان وافيا


(١) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (١/ ٢٠)، وذكرها في الرابعة الواقدي في «المغازي» (١/ ٣٨٤)، وابن سعد في «الطبقات» (٢/ ٥٥)، وابن الجوزي في «المنتظم» (٢/ ٢٩٥)، وغيرهم، وقال الصالحي في «سبل الهدى والرشاد» (٤/ ٤٨٢): (ووافق موسى بن عقبة أنها في شعبان، لكن قال: سنة ثلاث، وهذا وهم؛ فإن هذه تواعدوا إليها من أحد، وكانت أحد في شوال سنة ثلاث) اهـ‍
(٢) «بهجة المحافل» (٢/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>