للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما أخروا دفنه لاشتغالهم بما وقع للمهاجرين والأنصار من خلاف، حتى قال قائل من الأنصار في سقيفة بني ساعدة: منا أمير ومنكم أمير، وخشوا تفاقم الأمر، فنظروا فيها حتى استوى الأمر وانتظم الشمل، فبايع عمر وأبو عبيدة ابن الجراح في جماعة من المهاجرين والأنصار لأبي بكر رضي الله عنه في سقيفة بني ساعدة، ثم بايعوه أيضا من الغد في المسجد، وهو على المنبر في ملأ منهم ورضا (١)، فكشف الله الكربة وأطفأ نار الخلاف، والحمد لله رب العالمين.

ولم يتخلف عن بيعته رضي الله عنه إلا سعد بن عبادة وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، تخلفا ولم يحصل منهما شق عصا ولا مخالفة ولا ادعاء ذلك لأنفسهما ولا لغيرهما، وإنما كفّا أيديهما عن المبايعة مع الانقياد لأمره ونهيه رضي الله عنهم أجمعين (٢).

وفي هذه السنة: توفيت حاضنة النبي صلّى الله عليه وسلم.

وفيها: توفيت فاطمة البتول ابنة الرسول عليه الصلاة والسلام.

وفيها: قتل عكاشة بن محصن الأسدي.

وفيها: قتل خالد بن الوليد مالك بن نويرة الحنظلي مع رهط من قومه ممن كان منع الزكاة.

وفيها: لما علمت العرب بموته صلّى الله عليه وسلم .. ارتد بعضهم عن الإسلام والعياذ بالله، وثبت بعضهم على الإسلام، منهم أهل الحرمين الشريفين وعبد القيس في البحرين وثقيف، بعد أن اضطرب أهل مكة، وهموا بالرجوع عن الإسلام، حتى خافهم أميرهم عتّاب بن أسيد، فاختفى منهم، فقام فيهم سهيل بن عمرو، فثبّتهم وحضهم على الإقامة على الإسلام، وإلى ذلك المقام أشار صلّى الله عليه وسلم بقوله لعمر لما أشار إليه بقتل سهيل: «لعله يقوم مقاما تحمده فيه» (٣).


(١) أخرجه البخاري (٣٦٦٨)، وابن حبان (٤١٤)، والحاكم (٣/ ٧٦)، والبيهقي (٨/ ١٤٣)، وأحمد (١/ ٥٥) وغيرهم.
(٢) انظر الحديث السابق، وعدم مبايعة سيدنا علي وتأخرها إلى ما بعد وفاة السيدة فاطمة عند البخاري (٤٢٤٠)، ومسلم (١٧٥٩)، وقد أخرج الحاكم (٣/ ٧٦)، والبيهقي (٨/ ١٤٣) ما يفيد أنه بايع، وهو بإسناد صحيح كما قال ابن كثير، وبه أثبت المبايعة أولا، وجمع بأن ما في «الصحيحين» إنما هو تجديد لها، وانظر تمام كلامه في «البداية والنهاية» (٢٦١/ ٥ و ٢٩٩)، وكلام الإمام النووي في «شرح مسلم» (١٢/ ٧٧).
(٣) سبق تخريجه في ترجمة سهيل بن عمرو رضي الله عنه (١/ ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>