للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِذ الصَّدْر ظَرفُ الجَمْع، فيكون مثلَ: أَنبَتَ الرَّبيعُ البَقْلَ.

قال أبو الفُتوح: والمعنى: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يُحرِّك شفَتَيه بما يَسمعُه من جِبْريل قبْل إتمامه استِعجالًا لحِفْظه، واعتِناءً بتلْقينه، فقيل له: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ}، أي: بالقُرآن {لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: ١٦، ١٧] في صَدْرِك، وبنحو ذلك فسَّره في "الكشاف"، وفي معناه قوله تعالى: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} [طه: ١١٤].

(فإذا قرأناه)؛ أي: فإذا فَرغ جِبْريل مِن قِراءته فاتَّبعْ قُرآنَه.

(فاستمع) هو تفسيرُ (اتَّبعْ)؛ أي: لا يكُون قِراءتُك مع قراءته بل متَّاخِّرةً عنها، والاستِماع افْتِعالٌ يقتضي تصرُّفًا بخِلاف السَّماع نحو: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: ٢٨٦]؛ لأن الشَّرَّ لمَّا كان فيه سَعْيٌ أتَى بالافتِعال.

قال (ك): ولذلك قال الفُقهاء: يُسنُّ سَجدةُ التِّلاوة للمُستمع لا للسَّامع.

قلتُ: هذا وَجْهٌ جرَى عليه الرَّافعيُّ في "المُحرَّر"، وصاحِب "الحاوي الصَّغير"، لكنَّ الأَصحَّ المنصوص عليه في "البُوَيْطِي": يُسَنُّ للسَّامع أيضًا وإنْ كان للمُستَمع آكَدُ؛ لعُموم: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: ٢١]، وفي بعض الأَحاديث ما يَدلُّ للعُموم أيضًا.

(وَأنصِتْ) بهمزةِ قطْعٍ مفتوحةٍ؛ مِن أَنصَتَ، وهو الأَكَثَر، وبهمزةِ