فلا يَسبقُه عدَمٌ، ولا يلحقُه عدَمٌ، وما عداه بخلاف ذلك، ولهذا كان أَصدق كلِمةٍ قالها الشَاعر كلمةُ لَبِيْد:
أَلا كُلُّ شَيءٍ ما خَلا اللهَ باطِلٌ
وأما إطلاق الحقِّ على ما بَعُدَ من اللِّقاء والسَّاعة والوَعْد، فلأنَّها كائنةٌ باختياره تعالى، فيجب أن يُصدِّق بها، فعبَّر فيها بالحقِّ تأكيدًا وتَفخيمًا.
(ووعدك)؛ أي: إخبارُك بخيرٍ أو شَرٍّ، ولكن أكثر ما يُستعمل في الخير، ويقال: في الشِّرِّ وعيدٌ، ومن القليل:{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ}[البقرة: ٢٦٨].
(ولقاؤك) هو البعث، أو رُؤية الله تعالى، وهو داخلٌ فيما قبلَه، فهو من عطفِ خاصٍّ على عامٍّ، كما عُطف عامٌّ على خاصٍّ في قوله: وقولُك، أو المراد بالوعد المصدر، ثم ذكَر بعده المَوعودَ به.
قال (ك): وتعريف الحقِّ في بعضها، وتَنكيره في البعض؛ لأنَّ المعرَّف بلام الجنس مقارِب للنَّكِرة في المعنى، لكنْ في المعرَّف باللام إشارةٌ للماهيَّة بخلاف النَّكِرة، وقال الطِّيْبِي: عرَّفَ في حقِّ الله؛ لأن ما سِواه في مَعرِض الزَّوال، وفي وعده لاختصاصه بالإنجاز دون وَعْد غيره، والتَّنكير في البَواقي للتَّعظيم، وخصَّ محمدًا - صلى الله عليه وسلم -،