للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعمَّم في النَّبيين؛ للإشارة إلى مُغايرته بأنَّه فائقٌ عليهم بما خصَّه الله به، فإنَّ تغيير الوَصْف بمنزلة تغايُر الذات.

قلتُ: وكان شيخنا شيخ الإسلام البُلْقِيْني يقول: التعريف في حقِّه واضحٌ؛ لما سبق، وفي وعْده؛ لأن ما بعدَه كالمُتفرِّع عليه، فلهذا نكَّر فيها، وعلى رواية "مسلم"، فالقَول يكون مثْل الوَعْد.

(أسلمت)؛ أي: استَسلمتُ لأَمْرك ونهيك.

(توكلت)؛ أي: فوَّضْتُ الأَمْرَ إليك قاطِعًا نظَري عن الأسباب العادية.

(أنبت)؛ أي: رجعتُ إليك مُقبِلًا بالقَلْب عليك.

(خاصمت)؛ أي: رفعتُ إليك مَنْ يَجحَدُ الحق، وجعلتُك الحاكم بيني وبينهم لا غيرُك ممن كان يتحاكَمُ إليه الجاهلية من صنَمٍ، وكاهنٍ، ونارٍ، ونحوه.

وقدَّم صِلاتِ هذه الأفعال للتخصيص، وإفادةِ الحَصْر.

(فأغفر) هو تواضعٌ وإجلالٌ الله تعالى، وتعليمٌ للأُمة، وإلا فهو معصومٌ مما يُغفَر.

ولا يَخفى ما اشتمَل عليه من جَوامع الكَلِم؛ إذْ لفظ القَيم إشارةٌ إلى أنَّ وُجودَ الجواهر وقوامَها منه، والنُّور إلى أنَّ الأَعراض منه، والمَلِك إلى أنَّه حاكِمٌ فيها إيجادًا وإعدامًا يَفعل ما يَشاء، وكلُّه نِعَمٌ من الله، فلذلك قَرَن كُلًّا بالحمْد، وخصَّص الحمْد به، وقوله: (أنت الحق): إشارةٌ إلى المَبدأ، والقَول ونحوه إلى المَعاش، والسَّاعة