هذا عند عدَم ذلك، وربَّما كانت الخلْطة مطلوبةً شرعًا كالجمُعة، والجَماعات، والاجتِماع في وُقوف عرَفات، ونحو ذلك؛ ولهذا لا يُنقَل اللَّقيط من بلَدٍ إلى باديةٍ، أو قريةٍ بخلاف العَكْس فيهما، بل مذهب الشافعي والأكثَرين في هذه الحالة أنَّ الخلْطة أفضَل، واكتِساب الفَوائد، وشُهود شعائر الإسلام، وتكثير سَواد المسلمين، وإِيصال الخير لهم بعِيادة المرضَى، وتَشييع الجنائز، وإفْشاء السلام، والأَمر بالمعروف، والتعاوُن على البرِّ والتقوى، وإعانة المُحتاج وغير ذلك.
وقيل: العُزْلة أفضَل؛ لما فيه من السَّلامة المُحقَّقة لكنْ يُشترط توفير ما يَلزمه من العبادات.
قال (ن): المُختار تفضيل الخِلْطة لمن لا يَغلب على ظنِّه الوُقوع في معصيةٍ.
قال (ك): المُختار في عَهْدنا تفضيل الانعِزال، فيندُر خلوُّ المَحافِل عن المعاصي.
واعلم أنَّ (ن) قال: إنَّ في مُطابقة الحديث للترجمة نظَرًا؛ لأنَّ الحديث في صِيانة الدِّين، والترجمة كون ذلك مِن الدِّين.
وأجاب (ك) بأنَّ (مِن) في قوله: (مِن الدِّين) ابتدائيةٌ، أي: الفِرار من الفِتن مَنشؤه الدِّين، والحديث يدلُّ عليه؛ لأن الباء للسَّببيَّة، ثم التقرير ظاهرٌ.