تُوُفِّيَ جَاءَ ابْنُهُ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسولَ الله! أعطِني قميصَكَ أُكَفِّنْه فيه، وصلِّ عليه، واستَغْفِرْ له، فأعطَاهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَمِيصَهُ فَقَالَ:"آذِنِّي أُصَلِّي عَلَيْهِ"، فَآذَنَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ جَذَبَهُ عُمَرُ - رضي الله عنه - فَقَالَ: ألَيْسَ اللهُ نَهَاكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ؟ فَقَالَ:"أَنَا بَيْنَ خِيرَتَيْنِ، قَالَ:{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} ". فَصَلَّى عَلَيْهِ فَنَزَلَتْ:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا}.
الحديث الأول:
(ابنه) كان اسمه الحُباب بضمِّ المهملة، وخفَّة الموحَّدة الأُولى، فسمَّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عبد الله باسم أبيه.
(فأعطاه قميصه)؛ أي: أعطَى ابنه لا الأبَ المُنافِق، أو أن هذا قَبْل النَّهي عن تعظيم المنافقين كآية:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا}[التوبة: ٨٤].
قال في "الكَشَّاف": إنه في مُقابَلة إعطائه قميصَه للعبَّاس لمَّا أُسِرَ ببدْرٍ، ولم يجدوا له قَميصًا يصلح له، وكان رجُلًا طويلًا، حتى لا يكون لمنافقٍ عليه يَدٌ، أو أن الإكرام بذلك لابنه، ولعلمه أنه لا يَنفعُ الأبَ ذلك مع كُفره، وسيأتي ذكره في (باب: هل يُخرَج الميِّت من القبر)، وجوابٌ رابعٌ: أنه ما سُئل - صلى الله عليه وسلم - شيئًا قطُّ فقال: لا.