(وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -) وصلَه البخاري عن ابن مسعود في (بَدْء الخلْق).
(كِفْلٌ)؛ أي: نَصيبٌ، فهو أيضًا دليلٌ أنه يُعذَّب إذا كان في حياته ينُوح؛ لأنه سنَّ النِّياحة في أهله.
فالحاصل مما أراده البخاري أنه لا يُعذَّب بالبكاء عليه إلا بما فيه نَوحٌ، ويكون قد سَنَّ ذلك بفعْله، أو أَومأَ به، فالتَّعذيب على فعْله ونيَّته، ويُجمع بينه وبين:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام:١٦٤]، وقيل: معنى الحديث أن يُمدحَ الميت في البُكاء بما كان يمدحُ به الجاهليَّة من القتْل والغارات ونحوهما من الذُّنوب التي هو يعذَّب بها حينئذٍ، وقيل معناه: أنه يحزن ببكائهم، أي: يَسوءُه ما يكرهه ربُّه، وقد رُوي:"إنَّ أَعمالَكم تُعرَض على أَقربائكم مِنْ موتَاكُم، فإنْ رأَوا خيْرًا فَرِحُوا به، وإنْ رأَوا شَرًّا كَرِهُوه"، فالتَّعذيب له من الحيِّ لا أنه يعذِّبه الله، وقيل: معناه أنه يحزَن وينكَّد لبكائهم، فهو كتعذيبه كما في:"السَّفَر قِطْعةٌ من العَذاب"، وهو قريبٌ من الذي قبلَه، وقيل: الباء فيه للحَال، أي: يعذَّب عند بُكائهم، وعليه فهي واقعةُ عين.