(فَرَّق) بالتَّشديد والتَّخفيف، أي قال: أحدُهما واجبةٌ دون الأُخرى، أو منَعَ، ووجْه الجمْع بين هذا المقتضي لإيمانهم لا سيَّما وهم متعلِّقون في المنْع بقوله تعالى:{إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}[التوبة: ١٠٣]، وصلاة غيره ليستْ سكَنًا، بل مثْل هذه الشُّبهة يوجب العُذْرَ لهم، والوقوفَ عن قتالهم، وبين قوله أوَّلًا:(وكفَر من كفَر) = أنَّ بعضهم كفَر، وبعضهم منع الزكاة، والمعنى أن مُناظَرة الشَّيخين واتفاقَهم على قتال مانعي الزكاة حين كان الخليفة أبا بكر، وحين ارتدَّ بعضُ العرب، أو أطلَق لفْظ الكفر على مانعي الزكاة تَغليظًا، وكذا أجاب (خ) بالأوَّل، وأن الذين ارتدُّوا كأصحاب مُسَيلِمَة، والذين منَعوا الزكاة بُغاةً، ولكنْ غلَب على الكلِّ اسمُ الرِّدَّة؛ لأنها كانت أعظم خَطْبًا، وصار مبدأُ قتال أهل البَغْي مُؤرَّخًا بأيام عليٍّ؛ إذ كانوا منفردين في عصره لم يختلطوا بأهل الشِّرك.
فإن قيل: كيف يكونون بُغاةً، ومُنكِر الزكاة كافرٌ؟.
قيل: هذا إنما هو في زماننا لتقرُّر الأركان، وصارتْ مُجمَعًا عليها معلومةً من الدِّين ضرورةً، وأما أولئك فكانوا قَريبي عهْدٍ بزمان الشريعة التي يقع فيها تبديل الأحكام، وبوُقوع الفَتْرة بموت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا جُهَّالًا بأمور الدِّين، أضلَّتهم الشُّبهة، فغَدَروا، وسُموا بُغاةً.
(فقال عُمر)؛ أي: أخذ بظاهر: (أُمرتُ) الحديثَ، قبل أن ينظُر في آخره، وقال أبو بكر: إن الزَّكاة حقُّ المال، فدخلتْ في قوله: (إلا