به، والدِّرع أول ما يُلبس إنما يقع على الصَّدر والثَّديين إلى أن يُخرج يديه من كمَّيه، وقيل: ذيلها، فالجَواد كالذي استرسلتْ عليه، حتى سترتْ جميع بدنه وحصَّنته، والبخيل كالذي أراد لُبسها حالتْ يداه بينها وبين أن تمرَّ سُفلًا على البدن، فاجتمعَتْ في عنُقه، فلزمتْ ترقوتَه، فكانت ثقلًا ووَبًاء عليه من غير وقايةٍ له وتحصينٍ لبدنه، وحاصله: أن الجواد إذا همَّ بالنفقة اتسع لذلك صدْرُه وطاوعتْه يداه فاشتدَّ بالعطاء، والبخيل تشحُّ نفْسه فتضيْقُ وتنقبض يدُه عن الإنفاق.
قال (ن): نماء المال بالصدقة والإنفاق، والبخل بضدِّ ذلك، وقيل: وجْهُ ضَربِ المثَل: أن المُنفِق يستره الله بنفَقته ويستر عَوراته في الدنيا والآخرة كستر هذه الجُبَّى لابسَها، والبخيل جُبَّته إلى ثديه، فيبقى مكشوفًا ظاهر العَورة مفتضَحًا في الدَّارَين.
وقال (ط): المنفِق تكفِّر صدقتُه ذنوبه كما أن الجُبَّة السابغة تستر وتقي، والبخيل لا تكفَّر آثامه كما أن الجُبَّة تُبقي من بدَنه ما لا تستره، فيكون تعرَّض للآفات.
وقال الطِّيْبِي: الكريم كالذي يُريد إخراج يدَيه فيسهل عليه، والبخيل بالعكس.
قال: وقيل المشبَّه به بالحَديد إعلامًا بأن القَبْض والشدة من حِيْلة الإنسان، وقابل بالمتصدِّق البخيل، وإنما يُقابله السَّخيُّ للإشعار بأن السَّخاوة فيما أمر به الشَّرع وندب إليه لا التَّبذير.