للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(من خير)؛ أي: (من إيمانٍ) كما في الرواية الأُخرى، ولأنَّ الخير ما يُقرِّب العبد إلى الله تعالى، وما ذاك إلا الإيمان، وإنما نُكِّر إيمانٌ، وخيرٌ بمعناه مع أنَّه لا بُدَّ فيه من الإيمان بجميع ما جاءتْ به الرسُل؛ لأنَّه لا يصدُق الإيمان إلا بذلك؛ لقَصْد التَّيسير والتقليل بأقلِّ ما يصدُق عليه، وإنْ كان الزائد على ذلك قد يُسمَّى إيمانًا، فالآتي به مع الأَصْل يَخرج من النار من بابٍ أَولى.

وقد سبقت الإشارة إلى ذلك أول (كتاب الإيمان).

(من قال) إلى آخره، قد يَستدِلُّ بذلك مَن لا يكتفي في الإيمان بمجرَّد التصديق، وأنَّه لا بُدَّ من القَول والفِعْل، وعليه البخاري، ولكنَّ الجمهور على الاكتفاء به.

قلتُ: فيُجاب بأنَّ قول: لا إله إلا الله لا بُدَّ معه من تصديق القَلْب، فإنْ قُلنا: نفْس التصديق يَتفاوت؛ فالمراتب إشارةٌ إلى تفاوُته، فالاحتراز عن المنافقين الذين يقولون بألسنتِهم ما ليس في قُلوبهم، وسيأْتي فيه مَزيد بيانٍ.

وأما التلفُّظ بلا إله إلا الله فلإِجْراء الأحكام عليه، فيُؤوَّل على أنَّا لا نجزم بأنَّه يخرج من النار إلا إذا تلفَّظ، وأما عند الله فهو يُخرجه وإنْ لم يتلفَّظ، وإنما لم يذكر: محمد رسول الله، وإنْ كان لا بُدَّ منه في الإيمان حُكمًا؛ لاستلزام حقيقةِ: لا إله إلا الله ذلك، أو للاكتفاء بالجُزء الأول كما تقول قَرأْتُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}؛ إِذ المراد: إلى آخِر السورة، فصار الجُزء دالًّا على الكُلِّ.