للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الله تعالى كان عطْف الصلاة والزكاة والصَّوم عليها للتغايُر، والكلُّ إسلامٌ، واقتصَر على الثلاث؛ لأنَّها أركانه، وأظْهَرُ شعائرِه، وتَرَك الحج إما لأنَّه لم يكن فُرض، وإما لأن بعض الرواة شكَّ فيه فأسقطَه، وإنْ بقيت الطاعة على عُمومها، فعطف الثلاثة عطف خاصٍّ على عالم تنْبيهًا على شرَفه ومَرتبته كما في: {وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ} [البقرة: ٩٨].

(ولا تشرك) ذكَره بعد (أنْ تعبُد الله)؛ لأنَّ الكفَّار يزعمون عبادتَه تعالى، ويعبدون معه أوثانًا يزعمونها شركًا.

(ويقيم الصلاة) سبَق بَيان الكلِّ، ومعنى الإقامة، والمراد بالصلاة المكتوبة كما في "مسلم"، فإن النافلة وإنْ كانت من الإسلام لكن ليستْ من أركانه، فيُحمل المطلَق هنا على المقيَّد هناك.

(الزكاة المفروضة) قيل: احترازٌ من المُعجَّلة، وقيل: تأْكيدٌ، وقيل: لأن العرَب كانت تدع المال للسَّخاء والجُود، فنبَّه بالفرض على رفْض نيَّة ما كانوا عليه، وقيل: احترازٌ من التطوُّع، فإنَّها زكاة لغويةٌ.

واعلم أن هذا الحديث يقتضي تغايُر الإيمان والإسلام، وسبَق مِرارًا أن البخاري يَرى أنَّهما والدِّين عباراتٌ عن واحدٍ، والمتضح أنَّ محلَّ الخلاف إذا أُفرد لفظٌ، فإنْ اجتمعتْ تغايرتْ كما هنا، على أنَّ في ذلك اضطِرابًا عظيمًا للعلماء.

قال (خ): إنَّ الصحيح أنَّ المسلم قد يكون مؤمنًا، وقد لا يكون، والمؤمن مسلمٌ دائمًا، فهو أخصُّ، قال: وإذ تقرَّر هذا استقامَ تأْويل