للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الآيات والأحاديث، واعتدل القَول فيها، وذلك أن أَصل الإسلام الاستسلام، فقد يكون المرء مُنقادًا في الظاهر دون الباطِن، وقد يكون صادقًا في الباطن غير منقادٍ في الظاهر.

وقال البَغَوي: جعَل النبيُّ صلى الله عليه وسلم الإسلامَ اسمًا لما ظهَر من الأعمال، والإيمان اسمًا لما بطَن من الاعتقاد، وليس ذلك لكون الأعمال ليستْ من الإيمان، أو التصديق بالقَلْب ليس من الإسلام بل ذلك تفصيلٌ لجملةٍ هي كلُّها لمسمًى واحدٍ، وجِماعها الدِّين، ولهذا قال: (يُعلِّمُكم دِينَكُم)، فالتصديق والعمل يتناولهما اسم الإيمان والإسلام جميعًا.

وقال ابن الصَّلاح: ما في الحديث بَيانٌ لأصل الإيمان، وهو: التصديق الباطِن، ولأصل الإسلام، وهو: الاستِسلام والانقياد الظاهِر، فإنَّ اسم الإيمان يتناول ما فُسِّر به الإسلام، وهو سائر الطاعات؛ لكونها ثمرات التَّصديق الباطِن الذي هو أَصْل الإيمان، وبهذا فسَّر الإيمان في حديث الوفْد بما هو الإسلام هنا، واسم الإسلام يتناول أيضًا ما هو أصل الإيمان، وهو التَّصديق الباطِن، ويتناول الطاعات، فإنَّ الكلَّ استسلامٌ، فتحقَّق بذلك أنَّهما يجتمعان ويفترقان.

(الإحسان) هو الإخلاص، قال الطِّيْبِي: يُقال على وجهين: الإنْعام على شخصٍ، وتحسين الفِعْل، فالحديث يحتمل الأول؛ لأنَّ المُرائي يُبطل عمَل نفْسه، فقيل له: أحسِنْ إلى نفْسك، واعبُد الله كأنَّك تراه، ومن المعنى الثاني قوله تعالى: {إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: ٣٦]،