وأجابوا عن هذا الحديث بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يرد حقيقة البيع، بل أراد أن يُعطيه الثمن بهذه الصورة، أو أن الشرط لم يكن في نفس العقد، فلعله كان سابقًا أو لاحقًا، وتبرع - صلى الله عليه وسلم - بإركابه.
واعلم أن القصة واحدة فكيف يقع فيها هذا الاختلاف، وكلهم عدول، فجوابه: أن وقية الذهب قد تساوي مائتي درهم المساوية لعشرين دينارًا على حساب الدينار بعشرة، وأما وقية الفضة فأربعون درهمًا مساوية لأربعة دنانير، وأما أربعة أواق فلعله اعتبر اصطلاح أن كل وقية عشرة دراهم، فهو وقية، أيضًا بالاصطلاح الأول، فالكل راجع إلى وقية ووقع الاختلاف في اعتبارها كمًّا وكيفًا.
قال (ع): قال أبو جعفر الداودي: ليس لأُوقية الذهب قدر معلوم، وأُوقية الفضة أربعون درهمًا.
قال: وسبب اختلاف هذه الروايات أنهم رووا بالمعنى، وهو جائز، فالمراد أُوقية الذهب في ذلك الوقت، فيكون الإخبار بأوقية الذهب عما وقع به العقد، وعن أواقي الفضة عما حصل به الإيفاء، ويحتمل أن هذا كله زيادة على الأُوقية كما ثبت في الروايات أنه قال:(وزادني)، وأما رواية:(أربعة دنانير)، فموافقة أيضًا، لأنه يحتمل أن تكون أُوقية الذهب حينئذ وزن أربعة دنانير، وفي رواية:(عشرين دينارًا) محمولة على دنانير صغار كانت لهم، ورواية:(أربع أواقي) شك فيها الراوي، فلا اعتبار بها، وفيها معجزة ظاهرة، وغير ذلك كما سبق.