للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الدين، وأما جواب أبي بكر بمثل جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو من الدلائل الباهرة على عظم فضله ورسوخه وشدة اطلاعه على معاني أمور الدين، وفيه أن للإمام أن يعقد الصلح على ما يراه مصلحة للمسلمين، وإن كان ذلك لا يظهر لبعض الناس في بادي الرأي، وفيه احتمال المفسدة اليسيرة لدفع أعظم منها، وإنما وافقهم في ترك كتابة الرحمن، ورسول الله، ورده الجائي للمصلحة الحاصلة بالصلح مع أنه لا مفسدة في هذه الأمور، أما المصلحة المترتبة عليه فهي ما ظهر في عاقبتها من فتح مكة، ودخول الناس في دين الله أفواجًا لاختلاطهم بسبب الصلح للمسلمين، واطلاعهم على معجزاته الظاهرة ومكارمه الباهرة وغير ذلك، وفيه جواز بعض المسامحة في بعض أمور الدنيا ما لم يكن مضرًا بأصوله لاسيما إذا رجي سلامة في الحال وصلاح في المآل، وفيه تقليد الهَدْي، وإقامة الرئيس الرجال على رأسه في مواضع الخوف، وإنما المنهي ما يفعل من ذلك كبرًا وجبروتًا، والتفاؤل بالاسم الحسن، وفيه الرد لأبي جَنْدل لما سبق من المعنى في ذلك وكذا رد أبي بصير، لأنه كان له عشيرة يذُبُّون عنه.

(ما قام منهم رجل) ليس ذلك مخالفة لأمره، بل لأنهم كانوا ينتظرون إحداث الله لرسوله في ذلك أمرًا خلاف ذلك فيتم لهم قضاء نسكهم، فلما رأوه جازمًا وفعل النحر والحلق علموا أنه ليس وراء ذلك غاية تنتظر فبادروا إلى الائتمار بقوله والائتساء بفعله، وفيه جواز مشاورة النساء، وقبول قولهن إذا كن مصيبات.