(منه) صلةٌ لأفعل التفضيل، وفُصل بينهما للتوسُّع في الظَّرف كالفَضل بين المضاف والمضاف إليه، كقول الشاعر:
كنَاحتٍ يَومًا صَخْرةً بعسيلٍ
وقد أُجيز الفصل بينهما بغير الظَّرف أيضًا إذا لم يكن أجنبيًّا من كلِّ وجهٍ.
قال (ط) عن المُهَلَّب: فيه من الفِقْه تبليغ العِلْم، وتبيينه لمن لا يَفهم، وهو الميثاق الذي أخذه الله تعالى في قوله:{لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ}[آل عمران: ١٨٧].
وفيه: أن المتأخِّر قد يكون له علْمٌ ليس لمن تقدَّمه، إلا أنَّه قليلٌ لأجل قرينةِ؛ لأنَّ (رُبَّ) للتقليل، أي: هنا للقَرينة.
وعسى للإطماع لا لتحقيق الشيء، وأنَّ حامِلَ الحديثِ يُؤخذ منه ولو كان جاهلًا بمعناه، وهو مأجورٌ في تبْليغه محسوبٌ في زُمرة العُلماء، وأن ما كان حرامًا يجب على العالم أن يؤكِّد حرمته، ويغلِّظه بأبْلَغ ما يجد، وجواز القُعود على ظهر الدَّوابِّ إذا احتيج إلى ذلك، وإنما خطَب على البعير ليُسمع الناس، وإنما أَمسَك إنسانٌ بخطامه ليتفرَّغ للحديث ولا يَشتغِل بإمساكه.