(موته)؛ أي: موت معاذ، أي: قبل ذلك، أو موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، أي: بعده.
(تأثمًا)؛ أي: تجنُّبًا للإثم، أي: إثم كِتمان ما أَمر اللهُ تبليغه، قال تعالى:{وَلَا تَكْتُمُونَه}[آل عمران: ١٨٧]، وهذا مما أورد أنس في الرواية؛ فإنَّ الحديث منسوبٌ لرواية أنس، إلا أنَّه إذا كان المراد أنَّه أخبر بذلك أنَسًا، فيصير الحديث من رواية معاذٍ، فبالجُملة فهو جوابٌ لمقدَّر، أي: لم خالَفَ مُعاذٌ نهيه - صلى الله عليه وسلم -، وأخبَر، فأجاب بالخوف من الكتْمان الإثمَ، وليس فيه مُخالفةٌ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن نهيه مقيَّدٌ بالاتكال؛ إذ كانوا حَديثي عهد بالإسلام، فلما زال القيْدُ، وثبتوا، وصاروا حريصين على العبادة؛ لم يبقَ نهيٌ، أو أن النهي لم يكُن للتحريم، أو أنَّه كان قبل وُرود الأمر بالتبليغ، والوَعيد على الكِتْمان، أو المراد أنَّه لا يُخبر بها العوام؛ لأنَّه من الأسرار الإلهية التي لا يجوز كشفها إلا للخواصِّ، ولهذا أخبر به - صلى الله عليه وسلم - من يَأْمَن عليه الاتكالَ، فَسَلَكَ معاذٌ ذلك، ولم يُخبر به إلا مَن رآه أهلًا لذلك، ولا يبعُد أن نداءه معاذًا ثلاث مراتٍ كان للتوقُّف في إفشاء هذا السرِّ عليه أيضًا.
واعلم أنَّه ليس في الحديث عُلْقةٌ لا للمُرجئة، ولا لغيرهم في التجاسُر على المُحرَّمات من إراقة الدماء، ونهب الأموال، أو نحو ذلك؛ لأن هذا قبْل نُزول الفرائض، فمن أتى به أتى بما وجب عليه، وقيل: الشَّهادة مِن صدق القَلْب إنما هي بأَداء حُقوقها، أو أنَّ الكافر