قوله:(أتينا طائعين: أعطينا) ليس هذا المَعنى مَعروفًا.
قال السَّفَاقُسي: لعلَّ ابن عبَّاس قَرأَ بالمَدَّ؛ لأنَّ الرُّباعي بمعنى: أَعطَى، وأما الثُّلاثي فبمعنى: جاءَ.
وقال السُّهَيلي في "أَمالِيه": إنَّ البُخاري كان يَهِمُ في القُرآن، وإنه أَوردَ في كتابه آياتٍ كثيرةً على خِلاف ما في التِّلاوة، فإنْ كان هذا المَوضع منها، وإلا فهي قراءةٌ بَلَغَتْه، ووجَّهَها، أي: أَعطَينا الطَّاعةَ كما يقال: فُلانٌ يُعطي الطَّاعة لفُلانٍ، والمراد: أتيْنا لمَا يُراد منا.
وقد قُرئ:{ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا}[الأحزاب: ١٤]، وأتَوْها، والفِتْنة خِلافُ الطَّاعة، أو ضدُّها، وإذا جازَ الإيتاء في هذه جازَ في هذه.
(يختلف)؛ أي: يُشْكِل عليَّ إما لتَنافٍ بين ظاهر آيتَين، وإما إفادة الآية شيئًا لا يَصحُّ عقلًا؟، فأجاب ابن عبَّاس عن الأوَّل، وهو أنه في آيةٍ:{وَلَا يَتَسَاءَلُونَ}[المؤمنون: ١٠١]، وأُخرى {يَتَسَاءَلُونَ [الصافات: ٢٧]، بأنَّ التَّساؤُل بعد النَّفْخة الثانية، وعدَمَه قبلَها، وعن الثَّاني، وهو أنه في آيةٍ: {يَكْتُمُونَ}، وأُخرى {وَلَا يَكْتُمُونَ}[النساء: ٤٢]، بأنَّ الكِتْمان