لأحَد هذه الأربَع، واللائق بأرباب الدِّيانات، وذَوي المُروءات أنْ يكون الدِّين مَطمَح نظَرهم في كلِّ شيءٍ لا سيَّما في ما يَرُوج أَمرُه، ولذلك اختارَه الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - بآكَدِ وجْهٍ، وأبْلَغِهِ، فأَمَر بالظَّفَر الذي هو غايةُ البُغْية.
(فاظفر) جزاءُ شرطٍ محذوفٍ، أي: إذا تحقَّقت تَفضيلَها، فاظْفَر بها، أي: برُشْدها؛ فإنها تُكسِب مَنافع الدَّارَين.
(تربت يداك) أصلُه دُعاءٌ إلا أنَّ العرَب تَستعملُه للإنْكار، والتَّعجُّب، والتعظيم، والحثِّ على الشيء، وهذا هو المراد هنا.
وقال البَغَوي: هي كلمةٌ جاريةٌ على ألسنَتهم نحو: لا أَبَ لكَ، ولا يُريدون بذلك وُقوعَ الأمر، وقيل: قَصْدُه بها وُقوعه لتَعدِّيه ذواتِ الدِّين إلى ذَوات المالِ ونحوه، أي: تَربتْ يَداك إنْ لم تفعَلْ ما أُمرتَ به.
وفيه التَّرغيب في صُحبة أَهل الدِّين في كُلِّ شيءٍ؛ لأنَّ صاحبَهم يَستفيدُ من أخلاقهم، ويأمَن المفسَدةَ من جِهَتهم.