وذكره أبو داودَ عن شعبةَ: أنَّ أباه ماتَ وعمرُه سبعَ سنين، لكنْ قال ابن التِّين: خمس، وأنَّه لم يَسمع من أبيه شيئًا، ولكنَّ الطبرانيَّ في حديثٍ قال: إنَّه سَمع منه، فأرادَ أبو إسحاقَ بِهذا أنَّه ما حدَّثه به، وإنَّما حدثَه عبدُ الرحمن بنُ الأسود، عن أبيه، عن ابنِ مسعود، فيصيرُ السَّند هكذا: أبو إسحاق عن عبدِ الرَّحمن ... إلى آخره؛ على أنَّ الترمذيّ أخرجَه عن إسرائيلَ عن أبي إسحاقَ عن أبي عُبيدَة عن عبد الله، وكذا رواه قيسُ بنُ الرَّبيع عن أبي إسحاقَ عن أبي عُبيدَة، وذَكَر رواياتٍ، ثم قالَ: والحديثُ فيه اضطِرابٌ.
قال: وسألتُ البخاريَّ: أيُّ الرَّواياتِ في هذا عن أبي إسحاق أصحُّ؟ فلم يقضِ فيه بشيءٍ، فكأنَّه رأى حديثَ زهيرٍ عن أبي إسحاقَ عن عبدِ الرَّحمن بنِ الأسود عن أبيه عن عبد الله أشبهَ، ووَضَعه في "الجامع".
قال: وأصحُّ شيءٍ عندي حديثُ إسرائيلَ، أي: السَّابق؛ لأنَّ إسرائيلَ أثبتُ وأحفظُ لحديثِ أبي إسحاقَ من هؤلاءِ، وزهيرٌ فيه ليس بذاك، لأنَّه سَمعَه بأَخَرَةٍ، وأبو عبيدةَ لم يسمع من أبيه، انتهى.
قال (ك): كيفَ يقولُ ذلك مع قوله في حديثِ إسرائيلَ: إنَّه أصحُّ؛ مع أنَّه عن أبي عبيدة عن أبيه؟ فتعيَّن أنَّ الأصحَّ ما في البخاريّ، وأمَّا كونُ زهيرٍ سمع من أبي إسحاق بأَخَرَةٍ، فلا يقدَحُ فيه لثُبوتِ سَماعه منه هذا الحديثَ قبلَ الاختِلاطِ بطُرُقٍ متعدِّدة.
قلت: وبعضُهم حَمَل قولَ أبي إسحاق على معنَى: أنَّه لم يسمعْه