قال في "النهاية": وهذه صفةُ مُرِّيٍّ يُعمَل بالشام، يُجعَل في خمرٍ ملحٌ وسمكٌ، ويُوضَعُ في الشمس، فيتغيَّر طعمُ الخمر إلى طعم المُريِّ، فيَستَحِيلُ كما يَستَحِيلُ إلى الخَلِّيَّة، يقول: كما أن الميتةَ حرامٌ والمذبوحةَ حلالٌ؛ كذلك هذه الأشياءُ ذَبَحَتِ الخَمرَ فحلَّتْ، فاستعارَ الذبحَ للإحلال.
وقال (ع): ويُروَى بسكون المُوحدة ورفع الحاء على الابتداء وإضافة ما بعدَه إليه، يريد طُهرَها واستباحتَها وحِلَّها صنعَها مُريًا بالحوتِ المطروح فيها وطبخِها بالشمس، فيكون ذلك لها كالذَّكاة للحيوان، وهذا على مذهب مَن يُجيزُ تخليلَ الخَمر، وفيه خلافٌ.
قال أبو موسى المَديني وغيره عن قوة الملح والشمس وغلبتهما على الخمر وإزالتهما طعمَها وريحَها بالذبح: وإنما ذُكر النِّينانُ دون الملح لأن المقصودَ من ذلك هي دونُ الملح وغيره الذي فيها، ولا يُسمَّى المعمولُ من ذلك إلا باسمها دونَ ما أُضيفَ إليها، ولم يَرِدْ أن النِّينانَ وحدَها هي التي خللت، وذَهَبَ البخاريُّ إلى ظاهر اللفظ وأَوردَه في طهارة صيد البحر وتحليله، مُريدًا أن السَّمَكَ طاهرٌ حلالٌ، وأن طهارتَه وحلَّه تتعدَّى إلى غيره كالملح، حتى يصيرَ الخَمرُ الحرامُ النَّجِسَةُ بإضافتها إليها طاهرةً حلالًا، وكان أبو الدَّرْدَاء يُفتِي بجواز تخليل الخمر؛ فقال: إن السَّمكَ بالآلة التي أُضيفَتْ إليه من الملح وغيره قد غَلَبَ على