ضراوة الخمر التي كانت فيها وأزال شدتَها، كما أن الشمسَ تُؤثِّرُ في تخليلها فصارت خلًّا، فلا بأسَ به، فـ (الخَمرَ) مفعولٌ مُقدَّمٌ، و (النِّينانُ والشمسُ): فاعلان له، ومعناه: أن أهلَ الريف بالشام وغيرها قد يَعجِنُون المُريَ بالخمر، وربما يجعلون فيه أيضًا السَّمَك المُربَّى بالملح والأبزار ونحوه مما يُسمُّونه: الصَّحْنَاء؛ إذ القصدُ من المُرْيِ وأكلِه هضمُ الطعام، فيُضيفون إليه كلَّ حِرِّيفٍ ليَزيدَ في خلاء المعدة واستدعاء الطعام بثَقَافته وحَرَافته، وكان أبو الدَّرْدَاء وأبو هريرةَ وابنُ عباس وغيرُهم من التابعين يأكلون هذا المُرْيَ المعمولَ بالخمر، ولا يَرَون به بأسًا، ويقول أبو الدَّرْدَاء: إنما حرَّمَ اللهُ الخَمرَ لعينِها وسُكرِها، وفيها ذبحتْه الشمسُ والملحُ؛ فنحن نأكلُه، ولا نَرَى به بأسًا.
قال (ش): جزمَ البخاريُّ بهذا التعليق عن أبي الدَّرْدَاء، وقد رواه ابنُ أبي شَيبة في "مُصنَّفه" من طريق مكحول عن أبي الدَّرْدَاء، ولم يَسمَعْ منه، انتهى.
قلت: وذكر بعضُهم عن إبراهيم الحَربي في "غريب الحديث" رواه عنه بسندٍ متصلٍ، وكذا أبو بشر الدُّولَابي.