للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(في هذا التُّراب)؛ يعني: البُنيان، أي: فيما لا يُضطر إليه وهو فاضل عنه، فلا بد يُؤجَر؛ لأنه من التكاثر المُلهِي، بخلاف مَن بَنَى ما يُكنُّه ولا غنَى له عنه؛ فالتخصيصُ في المُستثنَى والمُستثنَى منه.

* * *

٥٦٧٣ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَني أَبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ"، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا، وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يتغَمَّدَنِي اللهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَلَا يتمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ؛ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزدادَ خَيْرًا، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ".

الثالث:

(يتغمَّدني)؛ أي: يُلبسُني، مأخوذ من: غَمَدَ السيفَ وأَغمَدَ، أي: أَلبَسَه غمدَه وغشَاه به، وأما الاستثناءُ فمنقطعٌ، والمراد: أنه إذا كان ذلك فيه، مع القطع بأنه في أعلى مقامات الجنة، فغيرُه من باب أَولَى أن يكونَ بفضل الله لا بعمله، وأما قولُه تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: ٧٢] فالباءُ فيه للإلصاق أو المُصاحَبَة لا للسَّبَبِيَّة، فمذهبُ أهلِ السُّنَّة أنه لا ثوابَ يجب؛ بل هو من فضل الله، وعقابُه عدلٌ، حتى لو عذَّبَ اللهُ تعالى جميعَ المؤمنين كان عدلًا، ولو أَدخلَ الكفَّارَ الجنةَ كان له ذلك، والمعتزلةُ يجعلون

<<  <  ج: ص:  >  >>