(جَدْبة) بسكون الدال وكسرها، أي: فالكلُّ بتقدير الله تعالى، سواءٌ نَدخل أو نَرجع، فاستَعمل عمرُ -رضي الله تعالى عنه- في رجوعه الحذرَ مع إثبات القَدَر، فعملَ بالدليلَينِ المُتمسِّك بهما كلٌّ من الطائفتَينِ: التسليمِ للقضاء، والاحترازِ عن الإلقاء في التهلكة.
(فلا تخرجوا)؛ أي: لئلا تكونوا قد عارضتُم القَدَرَ وادَّعيتُم الحَولَ والقوةَ في الخاص منه.
(فرارًا) مفعول لأجله، أي: فلغير الفرار يجوز لكم أن تخرجوا.
(فحمد الله)؛ أي: على موافقةِ اجتهادِه واجتهادِ معظمِ أصحابِه حديثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه لم يكن قاله تقليدًا؛ بل لأن الرجوعَ أحوطُ مع مساعدة المهاجرين والأنصار، والمَشيخة الذين فيهم سَداد الرأي وكثرة التجارب.
قال (ط): وجهُ النهي: وإن كان لا يموت أحدٌ إلا بأجله إنما هو حذرًا من الفتنة في أن يظنَّ أن هلاكَه كان من أجل قدومه، وأن سلامتَه من أجل رجوعه، فنَهَى عن الدنو من المجذوم مع علمه بأنه لا عَدوَى، وأما إذنُه لمن استَوخَم المدينةَ بالخروج فليس أمرًا