للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والتَّركيب في كلِّها يُفيد الحَصْر باتفاق المُحقِّقين، وهو مِن حصْر المُبتدأ في الخبَر، ويُعبِّر عنه البَيانيُّون بقَصْر المَوصوف على الصِّفَة، وربَّما قيل: قَصْر المُسنَد إليه على المُسنَد.

ووجه الحَصْر فيما فيه (إنَّما) إمَّا مَفْهومًا، أو مَنْطوقًا على الخلاف في العربية والأُصول.

وقيل: الحصْر من عُموم المُبتدأ باللام، وخُصوص خبَره على حدِّ: صَديقي زيدٌ؛ لعُموم المُضاف إلى المَعرفة، وخُصوص خبَره، ففي الرواية الأُخرى كما سبَق الجملة بدون (إنما)، والتقدير: كلُّ الأعمال بالنيَّة؛ إذ لو كان عملٌ بلا نيةٍ لم تصدُق هذه الكُليَّة، نعَمْ، خرَج من العُموم جُزئياتٌ بدليلٍ كما أوضحتُه في "شرح العُمدة"، وسيَأْتي الإشارةُ لطرَفٍ منه (١).

والأعمال: جمع عَمَل، أعمُّ من عمَل اللِّسان والقَلْب، وسائر الجَوارح، لكنَّ المُراد في الحديث هو: الثالث؛ لأنَّ عمَل القَلْب من التوحيد، والإجلال، والخوف، والنية، ونحوِ ذلك لا يدخُل؛ لعدَم احتياجه للنيَّة (٢) لصَراحة القَصْد به؛ ولأن النيَّة لو افتقَرت إلى نيةٍ ونيَّتُها إلى نيةٍ أُخرى لتَسلْسَل، وهو محالٌ، ومن القَلْبي أيضًا الكفُّ عن الأَفعال، فلا تحتاج التُّروك إلى نيَّةٍ؛ لأنَّها كفٌّ إلا أنْ تقترن بقَصْد تعبُّدٍ


(١) "وسيأتي الإشارة لطرف منه" ليس في الأصل.
(٢) "للنية" ليس في الأصل.