للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال (ك): والحقُّ أنَّ النيَّة في السيِّئة (١) يُعاقَب عليها نفْسها لا على الفِعْل المَنْوِيِّ، حتى لو عزَم على تَرْك صلاةٍ بعد عشرين سنةً يأْثم في الحال وإنْ لم يَتحقَّق تَركٌ لذلك المَنْوِيِّ.

فالفَرْق بينهما أنَّ ناوي الحسَنة يُثاب على تلك الحسنة بنيَّتها، وناوي السَّيِّئة لا يُعاقب عليها بل على نيَّتها.

قلتُ: فيما قالَه نظرٌ.

فإنْ قيل: مَن جاء بنيَّته الحسَنة، فقد جاء بالحسَنة؛ فيكون له عشْر أَمثالها، كمن جاءَ بالحسَنة المَنويَّة، فيَلزم أنْ لا فَرْقَ في ذلك بين نية الحسَنة وفعلِها؛ فالجواب: لا نُسلِّم أنَّ نيَّة الحسَنة إتيانُ الحسَنة وإنْ أَتى بحسنةٍ؛ إذ المُراد الإتْيان بالمَنويِّ لا بالنيَّة وحدَها.

قلتُ: لأنَّها المُراد بالعمَل غالبًا -كما سبَق في: "الأَعمال بالنيَّات"- أنَّ المُراد أَفْعالُ الجَوارِح، وكما في: "نِيَّةُ المُؤمِنِ خَيْرٌ مِنْ عمَلِهِ"، فإنَّه قابلَ بينهما.

والباء في النيَّات تحتمل السَّبَبيَّة، والمُصاحَبة.

قلتُ: ويتخرَّج عليهما أنَّ النيَّة شرطٌ في العبادة، أو رُكْنٌ، وفيه نظَرٌ، بينَّاه في "شرح العُمدة".

والنيَّة -بتشديد الياء- مِن نَوَى إذا قَصَد، وأصلُها: نِوْيَةٌ، فقُلبت الواو ياءً، وأُدغمت في الياء، وقد تُخفَّف مِن وَنِيَ: إذا فَتَرَ؛ لأنَّ


(١) "في السيئة" ليس في الأصل.