وأَما جمْع النِّيَّة في روايةٍ، وإفرادها في أُخرى، فلأَنَّ المَصدَر لا يُجمَع إلا باعتِبار الأنْواع والأَفْراد على الأصل، والجمْع على قَصْد التَّنْويع، أو أَنَّها لمَّا قابلت الأَعمال في روايةِ الجمْع، وكان كلُّ عملٍ له نيَّةٌ جُمعت، وهو قريبٌ مما قبْلَه إنْ أُريد بالتَّنويع باعتبار أَعمال العاملِين، ومُغايرٌ له إنْ قُصد بالتَّنويع باعتبار قَصْد رِضَا اللهِ -عز وجل- وقصْد دُخول الجنَّة، ومراتب ذلك كما قرَّره الخوئي، أي: بالخاء المعجمة.
واعلم أنَّ وجود العمل صُورةً يُمكن بلا نيَّةٍ، فلا بُدَّ من تقْدير محذوفٍ؛ ليصحَّ المعنى، وتقدير ذلك المَحذوف كونًا مُطلَقًا لا فائدةَ فيه، إنما هو باعتبار اقتضاء اللُّغة، وأيضًا فوُجود العمَل يُمكن بلا نيةٍ، والمقصود إنما هو بَيان الشَّرعي، فقدَّرَه قوم: إنَّما صِحَّة الأعمال؛ لأَنَّ الأَقْرب لنفْي حقيقة الشَّيء نفْي صِحَّته، فرُجِّح على غيره من المُقدَّرات، وإنْ كان الكُلُّ مَجازًا، وهذا قول الشَّافعية، وكَثيْرٌ.