للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثم المراد في هذه الجُملة غيرُ المراد في التي قبلَها، فإما: باعتبار أنَّ الأُولى نبَّهت على أنَّ الأَعمال لا تَصير حاملةً لثوابٍ أو عقابٍ إلا بالنيَّة، والثانية: على أنَّ العامِل يكون له من العمَل على قَدْر نيَّته، ولهذا أُخِّرت عن الأُولى لترتُّبها عليها، وإما لأنَّ الأُولى للصِّحة، والثانية لترتيب الثَّواب؛ إذْ لا يَلزم من الصِّحة الثَّواب على رأْي الأكثَر.

قال (خ): أَفادت الثانية تعيين العمَل بالنيَّة؛ لأنَّه لو نَوى صلاةً إنْ كانت فائتةً، وإلا فهي تطوُّعٌ لم يُجزئْه عن فرْضه؛ لأنَّه لم يمحض النيَّة، ولم يُعيِّن بها شيئًا.

(فمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا) سقَط من رواية البخاري هنا ما في بقيَّة الروايات من قوله - صلى الله عليه وسلم - قبلَه: (فمَنْ كانتْ هِجْرتُه إلى اللهِ ورسوله؛ فهِجْرتُه إلى اللهِ ورسولهِ)، [ففيه الخَرم، وهو سُقوط بعض الحديث.

فإنْ قيل: كان المُناسِب ذِكر الشِّقِّ الآخَر؛ لأنَّه الذي يتعلَّق بمَقْصُوده، وجوابه: يَنبغي أنْ تكون النيَّة لله ولرسوله.

قيل: لعلَّ النَّظَر فيما ذُكر لكَونه الغالِبَ على النَّاس].

قال (خ): ولستُ أَدري كيف وقع هذا الإغفال؟ وقد ذكَره البخاري في غير موضعٍ لكنْ من غير طَريق الحُمَيدي عن سُفْيان، لكنَّها وقعتْ لنا برواية الأثْبات، انتهى.

وممن أخرَجَها من هذه الطَّريق الإِسْمَاعِيْلي في "مُستخرَجه"، فلنَشْرح هذه الزيادة هنا تعجيلًا للفائدة: فالهجرة فِعْلَةً من الهَجْر (١)،


(١) "من الهجر" ليس في الأصل.