للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهو التَّرْك، والمُراد هنا تَرك الوطَن إلى غيره؛ لأنَّ المَقصود هِجْرة مَن هاجَر من مكة إلى المدينة، وقد وقَع قبْل هجرة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كذلك هجرةُ بعض الصَّحابة للحبَشة مرَّتين، وبالجُملة فحُكم الهِجْرة من دار الكُفر إلى دار الإسلام مُستمِرٌّ على التَّفْصيل المذكور في الفقه.

وقد تُطلق الهجرة كما في بعض الأحاديث على هجْر ما نهى الله ورسوله، وعلى هجْر المُسلم أَخاه، وهجْر المرأَة في المَضْجَع، وغير ذلك.

ومُناسبة ذِكْر الهجرة هنا: أنَّها من قاعدة الأَعمال بالنيَّة، والحديث واردٌ على سبَبٍ، وهو هجرةٌ وقعتْ على غير ذلك.

والفاء في: (فهجرته) داخلةٌ في جواب الشَّرط إنْ كانت (مَنْ) شرطيَّةٌ؛ لعدَم صلاحية الجواب للشرطية؛ لكونه جملةً اسميةً، فإن قُدِّرت مَن موصولة، وهي مبتدأ، فالفاء في خبره لتضمُّن المُبتدأ معنى الشَّرطِ، لكنْ المبتدأُ والخبر، والشَّرط والجزاء لا بُدَّ من تغايُرهما، وظاهرهما هنا الاتحاد، فلا بُدَّ مِن تأْويل التغايُر، فقيل تقديره: فمَن كانت هجْرتُه إلى اللهِ ورسولهِ نيَّةً وقَصْدًا، فهجرته إلى الله ورسوله حُكمًا وشَرعًا، وعلى هذا فنصب المقدَّر على التَّمييز على حدِّ: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} [الأنفال: ٦٥]، أي: رجلًا أو نحوَه، وإنْ كان التَّمييز في الحديث تمييز نِسبةٍ، وفي الآية تمييزُ مُفردٍ لا على الحال؛ لأَنَّ الحال المبيِّنة لا تُحذَف، ولذلك منعَ الرَّنْدي في "شرح الجُمَل" تعلُّق الجارِّ في: (بسم الله) بحالٍ محذوفةٍ، أي: أَبتَدئُ