بالنَّميمةِ من أقبحِ القبائحِ، لا سيَّما مع قوله:(كان)، وهي تُشعِرُ بالغَلَبة.
قال (ك): لا يصحُّ هذا على قاعدةِ الفقهاء، فإنَّ الكبيرةَ ما أَوجبَ حدًّا، ولا حدَّ في المَشي بالنَّميمة، إلا أنْ يُقالَ: الاستمرارُ إصرارٌ على صغيرة، فيكونُ كالكبيرة، وليس المُرادُ بالكبيرةِ معناها الاصطلاحي.
قلتُ: إذا قلنا بتعريفِ إمامِ الحرمَين الذي يَظهر من كلامِ الرَّافعيِّ والنَّوويِّ ترجيحُه؛ كانَ كلُّ ذلك كبيرةً. ومن طُرِق الجَمع أيضًا: أنَّ النَّفيَ كان قبلَ الوَحيِ بأنَّه كبيرةٌ، أو أنَّ:(في كبير) متعلقٌ بقَوله: (ليعذبان)، وجُملَةُ:(وما يُعذَّبان)؛ مُعترِضةٌ على أنَّ (ما) استفهاميَّةٌ للتَّعظيمِ، وتأكيدٌ للتَّعذيب.
(لا يستتر): قال (ط): أي: لا يستُرُ جسدَه ولا ثيابَه من مماسَّته، فلمَّا عُذِّبَ على عَدَم التَّحرُّز منه دلَّ على أنَّ مَن تركَ البولَ في مَخرَجِه؛ ولم يغسِله؛ أنَّه حقيقٌ بالعذاب، وقد رواه البخاريُّ في مَوضعٍ:(لا يستبرِئُ)، أي: لا يستَفرِغُ جُهدَه بعد فراغِه منه.
وقد اختُلِف في إزالة النَّجاسة، فأوجَبَها الشَّافعيُّ مُطلقًا، والحديثُ من حُجَجِه، فإنَّه عُذِّب في القبر، وهو وعيدٌ.
وقال مالكٌ: لا، وأبو حنيفَة: يجبُ إزالةُ ما زادَ على قَدرِ الدِّرهم، وحَمَلَ مالكٌ الحديثَ على أنَّه عُذِّب لتَركه البَولَ يسيلُ،