للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* تنبيه:

مر في تفضيل الفقير الصابر على الغني الشاكر قولان؛ ومن قال بالثّاني قال: ليس في هذه الأحاديث تفضيل الفقير الصابر عليه؛ إذ حديث سهل يحتمل أن يكون خيريته لفضيلة أُخرى فيه؛ كالإسلام، وحديث خَباب ليس فيه دلالة على فضله، فضلًا عن أفضليته؛ إذ المقصود منه: أن من بقي إلى فتح البلاد، ونيل الطَّيِّبات خَشُوا أن تكون عجل لهم أجر طاعتهم بما نالوا منها؛ إذ كانوا على نعيم الآخرَة أحرصَ، وحديثُ عمرانَ يحتمل أنه خبر عن الواقع؛ أي: إن أكثر أهل الدنيا الفقراء. وأمّا تركُه - صلى الله عليه وسلم - الأكلَ على الخِوان، والمرقَّق؛ فلأنه لم يرض أن يتعجل من الطَّيِّبات؛ وكذا حديث عائشة، ويُعارض باستعاذته - صلى الله عليه وسلم - من الفقر، وبقوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: ١٨٠]؛ أي: مالًا، {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: ٨]، وبأنه - صلى الله عليه وسلم - توفي في أكمل حالاته وهو موسرٌ بما أفاء الله عليه، وبأن الغنى وصفٌ للحق، والفقر وصفٌ للخلق.

وأجاب من قال بالأول: بأن السياق يدلُّ على ترجيح الفقراء؛ إذ الترجيح بالإسلام ونحوه لا حاجة له إلى البيان، وبأن من لم ينقص من أجره شيء في الدنيا يكون أفضل وأكثر ثوابًا عند الله في القيامة، وبأنّ الإيماء إلى أنّ علة دخول الجنَّة الفقر يُشعر بأفضليته، وَتَرْكُ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - دليل على ذلك؛ لأنه اختاره ليكون ثوابه في القيامة أكثر، وأمّا حديث الاستعاذة من الفقر، فمعارض بحديث استعاذته من الغنى، وأمّا

<<  <  ج: ص:  >  >>