للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أو أن يكفرا بكم) يعني: أنه شاكٌّ فيما كان في القرآن، أهو كذا، أو: (لا ترغبوا عن آبائكم، فإنه كفرٌ بكم)، فيكون من المنسوخ التلاوةِ دون الحكم، وقد مر في (مناقب قريش): أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: (لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبيِه وَهُوَ يَعْلَمُ إِلَّا كَفَرَ)، وهو إما للتغليظ، أو محمولٌ على المستحِلِّ.

(لا تُطروني) من الإطراء وهو المبالغة في المدح بالباطل، أو بما لا يليق بالممدوح؛ كما ضلت النصارى بالمسيح، واليهود بالعزير.

(الأعناق) أعناق الإبل تقطع من كثرة السير؛ أي: ليس فيكم مثلُ أبي بكر في الفضل والتقدم؛ لأنه سبقَ كلَّ سابق؛ فلذلك مضت بيعتُه على حال فجأة، ووقى الله تعالى شرّها، فلا يطعن أحد في مثل ذلك، وقيل: كانت فلتة؛ لأنه لم يكن في أول الأمر جميع خواص الصحابة، ولا عوامّهم، وقيل: لأنهم يغلبون (١) إلى ذهابهم إلى الأنصار.

(مَشْورَة) بسكون الشين وفتح الواو، وبضمها وسكون الواو.

وبالجملة: فقد ابتدرها الصحابة من المهاجرين، وعامة الأنصار؛ لعلمهم أنه ليس لأبي بكر منازع، ولا يحتاج في أمره إلى نظر، ولا مشاورة، وإنما عوجل بها؛ مخافة انتشار الأمر والشقاق، فيطمع بها من ليس بموضع لها؛ فإن مثل هذه البيعة جدير بأن تكون مُهيِّجة للشر والفتنة، فعصم الله تعالى من ذلك؛ كذا ذكره أحمد ابن


(١) في الأصل: "يعلنون"، والمثبت من "الكواكب الدراري" (٢٣/ ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>