وقال الجمهورُ: لا يجبُ النَّقضُ بل إيصالُ الماءِ لأصولِ الشَّعر، ففي حديث أمِّ سلَمَةَ: إنِّي امرأة أشدُّ ضَفْرَ رأسي، أفأنقُضُه للجَنابةِ؟ قال:(لا، إنَّما كان يكفيكِ أن تَحثِي عليه ثلاثَ حَثَيَاتٍ)، وحديثُ عائشةَ وإنْ كان أصحَّ إسنادًا، لكنَّ العملَ على حديث أمِّ سلمة، أي: لظُهورِ المعنَى، وكذا قال حَمَّادٌ: إنْ رَأت وصولَ الماء إلى أصولِ شَعرِها لم تنقُضْ، وإلا نَقَضَت.
قال (ن): صَحَّتِ الرِّواياتُ عن عائشةَ أنَّها قالتْ (لا نرى إلا الحجَّ) أو (لا نذكرُ إلا الحجَّ)، (وخَرَجنا مُهِلِّينَ بالحجِّ)، فكيفَ يُجمَعُ بينَه وبينَ قَولها:(تَمتَّعتُ بعُمرة)؟
وجوابه: إنَّها أحرَمت بالحجِّ، ثمَّ فَسخَته إلى عُمرَة حين أُمِرَ النَّاسُ بالفَسخ، فلمَّا حاضت وتعذَّرَ عليها إتمامُ العُمرة أمَرَها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالإحرامِ بالحجِّ فأدخلَتهُ على العُمرَة، وكانت قارِنةً؛ لقوله لها:(يَسَعُك طَوافُكِ لِحَجِّكِ وعُمرَتك).
وقولُه لها:(دَعي أو أمسِكي عن عُمرَتك) ليسَ المرادُ الخروجَ منها، فإنَّ الحجَّ والعمرةَ لا يُخرَجُ منهما إلا بالتَّحلُّلِ؛ بل المرادُ: اُترُكي العَمَلَ في العُمرَةِ وإِتمامَها.
ولا يلزمُ من نَقضِ الرَّأس والامتِشاطِ إبطالُها، لجوازِهِما عندنا حالَ الإحرام حيث لا يلتَفُّ شَعر، نعم، الامتِشاطُ مكروةٌ إلا لعذْرٍ، وحَمَلوا فعلَها ذلك أنَّه كان برأسِها أذًى.