للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحاصل جوابه - صلى الله عليه وسلم - كيفيَّتان:

إحداهما: هي أشدُّ عليه؛ لاشتمالها على ما يُخالف طبْع البشرية، فيحصل له من الشدَّة، والمشقَّة، وغشيان الكَرْب لثِقَل ما يُلقى إليه أمرٌ عظيمٌ، قال الله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: ٥].

قال (خ): إنَّ ذلك لجمْعه في قلْبه، وحُسن حفْظه، أو أنه شِدَّة امتحانٍ له ليَبلُوَ صبْره، ويحسن تأْديبه، فيرتاضَ لاحتمال ما كُلِّف من أَعباء النُّبوة، أو أن ذلك لمَا يَستشعره من الخوف من وُقوع تقصيرٍ فيما أُمر به من حُسن ضبْطه، أو اعتراض ذلك دُونه، فلقد أُنذر بما تَرتاع (١) له النُّفوس، ويعظُم له (٢) وجَلُ القُلوب، ومنه قوله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا} الآية [الحاقة: ٤٤].

وقيل في الحِكْمة في ذلك أيضًا: أنْ يُفرَّغ سمعه لصوت الملَك حتى لا يكون فيه موضعٌ لغير صوته، ولا في قلْبه.

والثانية: وهي أيسَر من الأُولى: أَنْ يأْتيه الملَك في صُورة بشَرٍ يأْنسَ به، ويُكلِّمه على المُعتاد.

ووجه الاقتصار على الحالتَين: أنَّ سُنة الله -تعالى- لمَّا جرتْ أنه لا بُدَّ من مُناسبةٍ بين القائل والسَّامع حتى يقَع التَّعليم والتَّعلُّم؛ فتلك المُناسبة: إما باتصاف السامِع بوصْف القائل بغلَبة الرُّوحانيَّة


(١) في الأصل: "ترع".
(٢) في الأصل: "به".