للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مُعتنيًا بالبَلاغَة كاشفًا بالعُلوم الغَيبيَّة، وكان يُوفِّر على الأُمَّة حصَّتَهم بقدْر الاستِعداد، فإذا أَراد أن يُنبئهم بما لا عَهْدَ لهم من تلك العُلوم؛ صاغَ لها أمثلةً من عالم الشَّهادة؛ ليعرفوا بما شاهدوه ما لم يُشاهدوه، فلمَّا سألَه الصَّحابة عن كيفيَّة الوَحْي، وهو من المَسائل الغامِضة ضرَبَ لها مثلًا مِن الشَّاهد بالصَّوت المُتدارِك الذي يُسمع ولا يُفهم منه شيءٌ تَنْبيهًا على أنَّ ذلك يَرِد على القَلْب في لِبْسة الجَلال، فتأْخذُه هيبةُ الخِطاب حين وُرودها مَجامع القَلْب، ويُلاقي من ثِقَل القول مما لا عِلْم له بالقَول مع وجود ذلك، فإذا كُشف عنه وجَدَ القول المنزَّل بيِّنًا، فيُلقى في الرُّوع واقِعًا مَوقِع المَسموع، وهذا معنى قوله: (فيَفصِمُ عَنِّي)، وهذا الصَّوت من الوَحْي شبيهٌ بما يُوحى إلى الملائكة على ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قَضَى اللهُ في السَّماءِ أَمْرًا ضَربَتِ الملائِكَةُ بأجْنحتِها خُضْعانًا لقَوله كأنَّها سِلْسِلةٌ على حَجَرٍ، {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: ٢٣] ".

وقال (ع): ما جاء من مثل ذلك يُجرى على ظاهره وكيفيَّته مما لا يَعلَمه إلا الله.

(قالت عائشة) جَوَّز فيه (ك) أن يكون تعليقًا غير داخلٍ في الإسناد المَذكور، ورُدَّ بأنَّه متصِلٌ في "مسلم"، وغيره.

قلتُ: وفيه نظَرٌ؛ فكم من تعليقٍ للبُخاريِّ يكون كذلك.

(يَنْزِل) بفتح أوله والزاي، ويُروى بضم أوله وتشديد الزاي مفتوحةً.