للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَامُوا مَعَهُ، فَأَتَى رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ (١) فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ، قَالَتْ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا! فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ : «أَيْنَ فُلَانٌ؟» قَالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ الْمَاءِ.

إِذْ جَاءَ الْأَنْصَارِيُّ، فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ وَصَاحِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي! قَالَ: فَانْطَلَقَ، فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ (٢) فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، فَقَالَ: كُلُوا مِنْ هَذِهِ (٣).

وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ : «إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ»، فَذَبَحَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا.

فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا، قَالَ رَسُولُ اللهِ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ» (٤).


(١) في رواية الترمذي (٢٥٢٨): «فَانْطَلَقُوا إِلَى مَنْزِلِ أَبِي الهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ الأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ رَجُلًا كَثِيرَ النَّخْلِ وَالشَّاءِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خَدَمٌ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَقَالُوا لِامْرَأَتِهِ: أَيْنَ صَاحِبُكِ؟ فَقَالَتْ: انْطَلَقَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا الْمَاءَ».
(٢) العَذق (بالفتح): النخلة، وتصغيره عُذَيْق. وأما العِذق (بكسر العين) الكباسة، وهو العُرجون. كما في «تفسير غريب الصحيحين» (ص: ٤٠) لأبي عبد الله الحُميدي.
(٣) مما يؤيد هذا تقديم الفاكهة على لحم الطير في قوله تعالى: ﴿وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾ [الواقعة: ٢٠، ٢١] وأورد العجلوني في «كشف الخفا» (١٠٠٦): «تفكهوا قبل الطعام» (١/ ٣٥٨): «هذا مشهور على الألسنة، ولم أقف على أنه حديث أو أثر أو من كلام الناس … ».
(٤) أخرجه مسلم (٢٠٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>