للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل تنقض العمرة بالحيض؟]

قال البخاري رقم (٣٠٥):

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ لَا نَذْكُرُ إِلَّا الحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ طَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكِ؟» قُلْتُ: لَوَدِدْتُ وَاللَّهِ أَنِّي لَمْ أَحُجَّ العَامَ، قَالَ: «لَعَلَّكِ نُفِسْتِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَإِنَّ ذَلِكِ شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي».

وتابع القاسم الأسود وأبو سلمة وخالفهم عروة فقال إنَّ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: أَهْلَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ وَلَمْ يَسُقْ الهَدْيَ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ وَلَمْ تَطْهُرْ حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ وَإِنَّمَا كُنْتُ تَمَتَّعْتُ بِعُمْرَةٍ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ : «انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي، وَأَمْسِكِي عَنْ عُمْرَتِكِ»، فَفَعَلْتُ (١)، فَلَمَّا قَضَيْتُ الحَجَّ أَمَرَ


(١) قال الخطابي في «أعلام الحديث» (٢/ ٨٤٨): قوله : " انقضي رأسك، وامتشطي وأهلي بالحج، ودعي العمرة " معناه مشكل جدًّا، وكان الشافعي يتأوله على أنه إنما أمرها بأن تدع عمل العمرة، وتدخل عليها الحج، فتكون قارنة، لا أن تدع العمرة نفسها، إلا أن قوله: " انقضي رأسك وامتشطي "، لا يشاكل هذه القضية، وقد روى بعض أهل العلم بإسناد له أنه كان مذهبها أن المعتمر إذا دخل مكة كان له أن يستبيح ما يستبيحه المحرم إذا رمى جمرة العقبة، وهذا شيء لم يحك عن أحد سواها، ولا يكاد يعلم وجهه، وكان الشافعي، رحم الله، يتأول أيضًا أن عمرتها من التنعيم غير واجبة، لدخولها في عقد الإحرام بالحج، وإنما أراد النبي، ، تطييب نفسها بذلك، حين قالت له: " ما بال نسائك ينصرفن، بعمرة، وأنصرف بلا عمرة "، وظاهر قوله، : " دعي عمرتك، وانقضي رأسك، وامتشطي: ثم قوله لها: " هذه مكان عمرتك " يوهن ما تأوله الشافعي، والأمر في ذلك مشكل جدًّا، إلا أن يتأوله متأول على الترخيص في فسخ العمرة، كما أذن لأصحابه في فسخ الحج، والله أعلم.
وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (٥/ ٤٩٩): الاضطراب عن عائشة في حديثها (هذا) في الحج عظيم وقد أكثر العلماء في توجيه الروايات فيه ودفع بعضهم بعضا ببعض ولم يستطيعوا الجمع بينها ورام قوم الجمع بينها في بعض معانيها وكذلك أحاديثها في الرضاع مضطربة أيضًا (وقال بعض العلماء في أحاديثها في الحج والرضاع إنما جاء ذلك من قبل الرواة وقال بعضهم بل جاء ذلك منها فالله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>