للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن قُدامة في «المغني» (٤/ ٣٤٩):

هَلْ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الصَّدَقَةُ مِنْ مَالِ

زَوْجِهَا بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ؟

عَلَى رِوَايَتَيْنِ:

إِحْدَاهُمَا: الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا، وَلَهُ مِثْلُهُ بِمَا كَسَبَ، وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ» وَلَمْ يَذْكُرْ إِذْنًا. وَعَنْ أَسْمَاءَ، أَنَّهَا جَاءَتِ النَّبِيَّ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ لِي شَيْءٌ إِلَّا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَرْضَخَ مِمَّا يُدْخِلُ عَلَيَّ؟ فَقَالَ: «ارْضَخِي مَا اسْطَعْتِ، وَلَا تُوعِي فَيُوعَى عَلَيْكِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.

وَرُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كَلٌّ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَآبَائِنَا، فَمَا يَحِلُّ لَنَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ؟ قَالَ: «الرَّطْبُ تَأْكُلِينَهُ وَتُهْدِينَهُ».

وَلِأَنَّ الْعَادَةَ السَّمَاحُ بِذَلِكَ وَطِيبُ النَّفْسِ، فَجَرَى مَجْرَى صَرِيحِ الْإِذْنِ، كَمَا أَنَّ تَقْدِيمَ الطَّعَامِ بَيْنَ يَدَيِ الْأَكَلَةِ قَامَ مَقَامَ صَرِيحِ الْإِذْنِ فِي أَكْلِهِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ؛ لِمَا رَوَى أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «لَا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا». قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الطَّعَامَ؟ قَالَ: «ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا» رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي «سُنَنِهِ».

<<  <  ج: ص:  >  >>