ففي الحديث إشارة قوية إلى اهتمام الحكومات اليوم في أغلب البلاد بتعليم الناس القراءة والكتابة والقضاء على الأمية، حتى صارت الحكومات تتباهى بذلك، فتُعلِن أن نسبة الأمية قد قلت عندها حتى كادت أن تمحى! فالحديث عَلَم من أعلام نبوته ﷺ، بأبي هو وأمي. ولا يخالف ذلك - كما قد يَتوهم البعض - ما صح عنه ﷺ في غير ما حديث أن مِنْ أشراط الساعة أن يُرفَع العلم ويَظهر الجهل؛ لأن المقصود به العلم الشرعي الذي به يَعرف الناس ربهم ويعبدونه حق عبادته، وليس بالكتابة ومحو الأمية، كما يدل على ذلك المشاهدة اليوم، فإن كثيرًا من الشعوب الإسلامية فضلًا عن غيرها، لم تستفد مِنْ تعلمها القراءة والكتابة على المناهج العصرية إلا الجهل والبعد عن الشريعة الإسلامية، إلا ما قَلَّ وندر، وذلك مما لا حكم له. وإن مما يدل على ما ذكرنا قوله ﷺ: «إن الله لا يَقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العِباد، ولكن يَقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبْقِ عالمًا اتَّخَذ الناس رؤوسًا جهالًا، فسُئلوا فأَفتوا بغير علم فضَلُّوا وأَضَلوا». رواه الشيخان وغيرهما من حديث ابن عمرو، وصَدَّقَتْه عائشة، وهو مُخرَّج في «الروض النضير» (رقم ٥٧٩).