للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب الإيمان بالقَدَر

منزلة الإيمان بالقَدَر

• قال الإمام مسلم في «صحيحه» رقم (٨): حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ كَهْمَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ - وَهَذَا حَدِيثُهُ - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ قَالَ:

كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ - أَوْ: مُعْتَمِرَيْنِ - فَقُلْنَا: لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ، فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ.

فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ، وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ، فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ: - وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ: - وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ، وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ.

قَالَ: فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي! وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ، مَا قَبِلَ اللهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ (١).


(١) قال النووي في «شرح مسلم» (١/ ١٥٦):
هذا الذي قاله ابن عمر ظاهر في تكفيره القَدَرية.
قال القاضي عِيَاض : هذا في القَدَرية الأُوَل الذين نَفَوْا تقدم علم الله تعالى بالكائنات. قال: والقائل بهذا كافر بلا خلاف، وهؤلاء الذين ينكرون القَدَر هم الفلاسفة في الحقيقة.
قال غيره: ويجوز أنه لم يُرِد بهذا الكلام التكفير المُخْرِج من الملة، فيكون مِنْ قَبيل كفران النعم، إلا أن قوله: (ما قَبِله الله منه) ظاهر فى التكفير؛ فإن إحباط الأعمال إنما يكون بالكفر، إلا أنه يجوز أن يقال في المسلم: (لا يَقبل عمله) لمعصيته وإن كان صحيحًا، كما أن الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة غير محوجة إلى القضاء عند جماهير العلماء بل بإجماع السلف، وهي غير مقبولة فلا ثواب فيها على المختار عند أصحابنا. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>