للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعريف الجائحة وما ورد فيها (١).


(١) هذه المسألة أثيرت في ابتلاء كورونا - في نهاية فصل الشتاء، من شهر رجب، عام (١٤٤١ هـ) الموافق شهر مارس (٢٠٢٠ م) الذي ظهر بالصين، ثم انتشر في إيطاليا ثم انتقل من دولة إلى أخرى؛ لكثرة انفتاح العالم بعضه على بعض، حتى صاروا كأنهم في طبق واحد.
وهذه النازلة ونحوها انقسم الناس فيها إلى ثلاثة أقسام:
١ - عامة الناس، وتَكثر فيهم الشائعات، كما حَدَث في حادثة الإفك، والله قال ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ [النور: ١٥] فيجب التثبت والتعقل، وعدم نشر ما يرجف أو يوهم بلا علم؛ حتى لا يأثموا أو يضيع أجرهم.
٢ - أهل ذِكر في الدنيا كالأطباء، فوصفوا أعراض المرض بارتفاع درجة الحرارة والوجع الحلقي ثم الرئوي ثم الهلاك.
ووصفوا العلاج بأمرين:
الأول: الوقائي، وهو العزلة في البيوت والبعد عن الاجتماعات، وتَرْك المصافحة أو المعانقة، والاعتناء بنظافة اليد والفم والمنازل بالمُطهِّرات.
قال القَرَافي في «الفروق» (٢/ ٣٢): فَمَتَى كَانَ الْفِعْلُ السَّالِمُ عَنِ الْمَفْسَدَةِ وَسِيلَةً لِلْمَفْسَدَةِ، مَنَعَ مَالِكٌ مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الصُّوَرِ، وَلَيْسَ سَدُّ الذَّرَائِعِ مِنْ خَوَاصِّ مَذْهَبِ مَالِكٍ كَمَا يَتَوَهَّمُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ، بَلِ الذَّرَائِعُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
قِسْمٌ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى سَدِّهِ وَمَنْعِهِ وَحَسْمِهِ، كَحَفْرِ الْآبَارِ فِي طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى إهْلَاكِهِمْ. وَكَذَلِكَ إلْقَاءُ السُّمِّ فِي أَطْعِمَتِهِمْ، وَسَبُّ الْأَصْنَامِ عِنْدَ مَنْ يُعْلَمُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يَسُبُّ اللَّهَ تَعَالَى عِنْدَ سَبِّهَا.
وَقِسْمٌ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى عَدَمِ مَنْعِهِ، وَأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لَا تُسَدُّ وَوَسِيلَةٌ لَا تُحْسَمُ، كَالْمَنْعِ مِنْ زِرَاعَةِ الْعِنَبِ خَشْيَةَ الْخَمْرِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ. وَكَالْمَنْعِ مِنَ الْمُجَاوَرَةِ فِي الْبُيُوتِ خَشْيَةَ الزِّنَى.
الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق ط العلمية (٢/ ٦٠)
وقسم اختلف فيه العلماء هل يسد أم لا كبيوع الآجال عندنا كمن باع سلعة بعشرة دراهم إلى شهر ثم اشتراها بخمسة قبل الشهر فمالك يقول إنه أخرج من يده خمسة الآن وأخذ عشرة آخر الشهر فهذه وسيلة لسلف خمسة بعشرة إلى أجل توسلا بإظهار صورة البيع لذلك والشافعي يقول ينظر إلى صورة البيع ويحمل الأمر على ظاهره فيجوز ذلك وهذه البيوع يقال إنها تصل إلى ألف مسألة اختص بها مالك وخالفه فيها الشافعي …
الثاني: الحجر الصحي، وإجراء اختبار لتمييز المصاب من غيره. ومن أدلة الحجر «ارجع فقد بايعناك» و «لا يُورِدنَّ ممرض على مُصِح» و «فِرَّ من المجذوم».
٣ - أهل ذِكر وشرع، يواكبون الناس بالأحكام المتعلقة بالنازلة عقيدة وفقهًا، وكانت هذه إحدى المسائل، والأخرى: هل تأخذ حكم الطاعون؟ والثالثة: حُكْم تعطيل الجمعة والجماعات والتفرقة بين الناس في الصفوف؛ دفعًا للضرر والمحافظة على النفس، وحُكْم صلاة الجمعة في البيوت عند تعطيل المساجد. ونحو هذا الاعتكاف في البيوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>